الدكتور: أحمد عبد الفتاح عيسى - مصر - وكالة أخبار المرأة
ما زال الحديث متصلا عن بحثى التفصيلى لقياس عملية الاتزان بشكل رقمى دقيق يمكننا من وضع أيدينا على مواضع الخلل فى حياة كل منا .
كنا تحدثنا فى السابق عن ثلاثة جوانب من الجوانب السبعة فى عملية الاتزان ، وهى الاتزان الروحى ونسبته 20% من إجمالى عملية الاتزان ، والاتزان الشخصى ويمثل 20 % من إجمالى عملية الاتزان ، والاتزان المهنى ويمثل 12% من عملية الاتزان ، والأن جاء الدور لإلقاء الضوء على الاتزان العائلى .
إن الاتزان العائلى يمثل أيضا نسبة 12% من النسبة اللازمة للاتزان المطلوب فى حياتنا وهذه النسبة مقسمة على أربعة جوانب يجب أن يحققها كل من بحث عن الاتزان العائلى وهى التى سنتناولها على النحو التالى :
الجانب الأول فى الاتزان العائلى : الزيارات
الزيارات والتواصل شئ مهم جدا فى ركن الاتزان العائلى للشخص ، ويمثل نسبة 3% من إجمالى النسبة اللازمة للاتزان الكلى ، ويمثل 25% من إجمالى الاتزان العائلى ، ويستطيع الشخص الحصول عليها إن جعل لنفسه قائمة بأسماء أقاربه جميعا ووضع لنفسه خطة ولو بشكل ربع سنوى أو نصف سنوى لزيارة الجميع بحيث يكون قد حقق زيارات لكل أفراد العائلة ولو مرتين فى العام لكل عضو من أعضاء عائلته ، واسمع الأن الكثير يقول : ألا يكفى الاتصال التليفونى ؟
وأقول له ، لا غنى عن الزيارة مهما كانت مشاغلك الحياتية وذلك لبعدين ، البعد الأول وهو حديث النبى صلى الله عليه وسلم الذى يرويه عن ربه عز وجل ويقول فيه (وجبت محبتى للمتزاورين فى ) ، والبعد الثانى وهو من خلال دراساتى والتى تعتبر امتدادا لنظرية علمية للعالم (ألبرت مهربيان ) وما بنيته عليها هو أن التواصل المباشر والتواجد فى مكان يجمع بينك وبين من تتواصل مع دون أن تتكلم ، فقط التقاء النظرات يؤثر إيجابيا فى نجاح هذا التواصل بنسبة 55 % ، ونبرة الصوت تمثل 38% ، أما موضوع التواصل أو انتقاء المفردات يمثل 7% من نجاح هذا التواصل أو هذه الزيارة ، وبهذه الثلاثة ينجح تواصلنا وزياراتنا بنسبة 100% إن شاء الله .
الجانب الثانى : مناسبات
وهذا يمثل أيضا 3% من النسبة الكلية للإتزان ، و25 % من نسبة الاتزان العائلى ، وهى تحتم على من يبحث عن الاتزان العائلى أن يكون عضوا فاعلا فى كل مناسبات العائلة متى أستطاع إلى ذلك سبيلا ، ومتى أغفل ذلك الأمر فأنه يخسر ركن هام وفاعل وحيوى فى جسد عائلته وأهم المناسبات هى الزواج والولادة والنجاح والمرض والوفاة وهذه الخمسة تعتبر أهم المناسبات فى كل كيان عائلى .
الجانب الثالث : مشكلات
لا شك أن كل تجمع إنسانى له مشاكله الخاصة ، والعائلة بصفتها تجمع إنسانى فمن المؤكد أن لها مشاكلها الخاصة أيضا .
ووجود الشخص فى دائرة عرض ومناقشة مشاكل العائلة ، تعتبر من أقوى الدلائل والمؤشرات على اتزانه العائلى ، حتى وإن لم يؤخذ برأيه ، فوجوده وحده يكفى للتعبير على أنه محل ثقة عائلته والتى تعتبر بدورها مؤشرا قويا على اتزانه العائلى ، ويمثل هذا الجانب ما نسبته 3% من إجمالى نسبة الاتزان الكلية ، ونسبة 25% من نسبة الاتزان العائلى .
الجانب الرابع : قرارات
تمثل القرارات البوصلة التى تغير فلسفة العائلات تجاه الواقع الذى تحياه ، ولن يكون هناك أى شخص متزن عائليا إذا كان بمنأى عن هذا الركن الهام فى الاتزان العائلى ،ولا يشترط فيه أن يكون الشخص فى دائرة صنع القرار حتى يكون متزنا ولكن يكفى أن يكون فى دائرة العلم بمتغيرات العائلة وسياساتها تجاه المستجدات ، وهذا الركن مثل ما سبقه من أركان يمثل 3% من إجمالى نسبة الاتزان الكلية اللازمة لكل شخص ، ويمثل 25% من نسبة الاتزان العائلى .
بهذه الأربعة جوانب يكون الاتزان العائلى فى حياة كل منا واقعا ملموسا نستطيع أن نجنى ثماره بين الحين والحين .
وبعد أن انتهينا من الاتزان العائلى ، جاء الدور الأن على الاتزان المجتمعى ...
الاتزان المجتمعى :
الاتزان المجتمعى هو الركن الخامس من أركان الاتزان السبعة التى تحدثنا عنها بشكل تفصيلى وهذه الأركان السبعة هى (الروحى – الشخصى – المهنى – العائلى – المجتمعى – الصحى – المادى )
إن الاتزان المجتمعى يمثل نسبة 12% من إجمالى النسبة اللازمة لعملية الاتزان ، وهذه النسبة لا يمكن لنا أن نحصل عليها إلا إذا كان لنا دورا مهما فى توظيف الطاقات الموجودة بالمجتمع والعمل على الارتقاء بالمشاريع المجتمعية وذلك على النحو الذى سنتناوله فى السطور التالية .
بإمكاننا أن نكون عناصر متزنة مجتمعيا وذلك إذا استطعنا فهم الشخصيات التى تتواجد حولنا وتشكل البيئة التى تحيط بنا .
إن فهم الشخصيات التى تشكل البيئة الاجتماعية كما سيتم شرحه ليعد من أهم العوامل للاتزان المجتمعى ، إذ أننا بذلك الفهم نستطيع أن نخرج أفضل الطاقات الموجودة بكل شخص والذى من شأنه أن ينعكس على تحقيق الاتزان المجتمعى للمحيطين ببيئة هذا الشخص .
ودعونا نقترب شئيا يسيرا من الاتزان المجتمعى وذلك بالاعتراف بأن كل مجتمع ملئ بالعديد من الشخصيات المختلفة وأنماطها الشخصية المعقدة ، ولكن توجد أربع شخصيات لا يمكن أن يخلو منها أى مجتمع ، بل ويمكنك أن تجد شخصية واحدة تدور بين هذه الشخصيات الأربع ، أو تظهر بهذه الأطوار الأربعة للشخصية ، وذلك طبقا للظروف السيكولوجية التى توفر المناخ المناسب لكل طور من هذه الأطوار الأربعة وجودا وعدما .
وهذه الأطوار الأربعة أو الشخصيات الأربعة التى يتعين على من ينشد الاتزان المجتمعى أن يفهمها جيدا هى (صانع الحدث – المشاهد – الناقم – الحقود ) .
مهم جدا لمن يريد أن يحقق الاتزان المجتمعى أن يضع يده ويعرف جيدا تصنيف الأشخاص المحيطين به فى بيئته الاجتماعية ، وذلك حتى يستطيع أن يسير بخطى متزنة إجتماعيا ولا يفاجأ بهزة مجتمعية نتيجة وضعه الأمور فى غير موضعها .
نعم يجب ان تعرف تصنيف المحيطين بك حتى تستطيع أن تقرأ الخريطة المجتمعية ، إذ أن هذه الشخصيات الأربعة تعتبر مفاتيحك للخريطة المجتمعية ، وذلك لمن أراد أن يهتدى الطريق باتباعه للخريطة المجتمعية ، نعم يجب أن تعرف تصنيفهم ، ليس لفضحهم وإنما للنهوض بمجتمعك ، لأنك عندها ستكون معول النجاح الذى يعتمد عليه الأخرون من الغير متزنين إجتماعيا .
يلزم كل شخص يريد أن يصبح متزنا اجتماعيا أن يصنف شخصيات المحيطين به فى هذه القوالب الأربعة ، وذلك حتى يتلاشى حدوث أى نتائج غير متوقعة فى مجتمعة وبذلك نقلل من أحجام الخسائر الفادحة التى تحدث فى المجتمعات بسبب عدم وضوح هذه الخريطة المجتمعية للأشخاص .
إن التصنيف الجيد للأشخاص ووضعهم فى هذه القوالب الشخصية الإجتماعية يعتبر من أهم الخطوات التى تساعدنا على توقع ردود أفعالهم تجاه الأحداث الإجتماعية مما يسهم بشكل كبير فى إستنباط النتائج وتقليل الكوارث وإنقاذ ما يمكن إنقاذه .
إن الشخصيات المحيطة بنا لا تخلو عن كونها واحدة من هذه الأربعة :
1- صانع الحدث :
وصانع الحدث هذا ينقسم إلى قسمين هما :
ا- المبادر : وهو الذى يتحرك بفعل الخير وكل ما يتوجب فعله ، بشكل ذاتى ودون انتظار مقابل مادى أو معنوى .
ب- رد الفعل : وهو الذى لا يقوم بفعل الخير أو ما يتوجب فعله إلا إذا تأكد من عودته عليه بالنفع ، أو سبق انتفاعه من هذا الأمر الذى يقوم به .
وهذا الصنف (صانع الحدث ) متى أستطعنا وضع أيدينا عليه فقد حصلنا على نسبة 3% من إجمالى نسبة الاتزان و25% من نسبة الاتزان المجتمعى .
2- المشاهد :
هو ذلك النمط من الأشخاص الذين يريدون الحصول على كل شئ دون بذل أى جهد ،فهم حريصون على المشاركة فى الحصاد بالرغم من عدم مشاركتهم فى الزراعة ، ومهم جدا معرفة هذا الصنف من الشخصيات لنتلاشى وضعهم فى أى مشاريع مجتمعية لأنه مما لا شك فيه سيكونون عبئا ثقيلا على فريق العمل الذى يعمل معهم ،وسأتناول فى بحث لاحق إن شاء الله ، كيفية تحويلهم من (مشاهد) إلى (صانع الحدث) وذلك من خلال عمل برمجة لغوية عصبية لهم تعيد لهم الفطرة السليمة للشخصية السوية ، ومتى استطعنا وضع ايدينا على هذا الصنف أيضا فإننا نعطى لأنفسنا 3% من نسبة الاتزان الكلى ، و25% من نسبة الاتزان المجتمعى .
3- الناقم :
وهذا الصنف من الشخصيات ، مشكلته دائما فى أنه لا يرى مجتمعه يستحق منه أى نوع من الجهد للنهوض به ، وهذا ينتج بسبب الإخفاقات التى تعرض لها فى حياته ، ويرى أن المجتمع هو المتهم الأول لما هو فيه ، وهو ملئ بالطاقات السلبية تجاه المجتمع ، وأحب أن أؤكد على أن هناك فارق كبير بين مجتمع ودولة ، إذ أن المجتمع أعم وأشمل حتى لا يختلط علينا الأمر عند تصنيف هذا الشخص ، فالمجتمع يحكمه المبادئ والأخلاق ، ولكن الدولة يحكمها القانون والدستور ، فقد تجد شخص يجمع بين المكانة والمنصب المرموق فى الدولة ولكنه فى نفس الوقت يصنف على أنه شخصية ناقمة مجتمعية ، ومعرفة هذا الصنف أيضا يمثل 3% من النسبة الكلية للاتزان ، و 25% من نسبة الاتزان المجتمعى .
4- الحقود :
وهذا الصنف مشكلته مع صانع الحدث ، تجد دائما حول كل حدث شخصيات اربعة وهى (صانع ، ومشاهد ، وناقم ، وحقود) ،،ومشكلة هذا الحقود أنه يفكر دائما فى صانع الحدث ، بل إن شئت فقل قد يصل الأمر لشكل مرضى ويراه فى نومه وأحلامه ، لأنه يرى دائما صانع الحدث يقطع عليه الطريق دائما وهو السبب فى تأخره ، بل وأبعد من ذلك ، هو يرى صانع الحدث مرائى ويجيد التمثيل الاجتماعى أو ما يسمى بالنفاق الاجتماعى ، ولو قام هذا الحقود بالتركيز على نفسه وعمله بمقدار ربع الوقت الذى يقضيه فى تدبير المكائد لصانع الحدث لحقق نجاحا ملموسا وتغيرت خريطته المجتمعية .
بمعرفة هذا الصنف أيضا نحصل على نسبة 3% من الاتزان الكلى ، و 25% من نسبة الاتزان المجتمعى ، وبذلك نكون انتهينا من الاتزان المجتمعى وهو أمر مهم جدا لتحقيق اتزان المجتمع وترجع أهميته فى معرفة كيفية بناء الفرق اللازمة للمشاريع المجتمعية ، وانتظرونا فى البحث القادم مع الاتزان الصحى والمادى .