وكالة البيارق الإعلامية
وفي المتنزهات وممرات التسوق وشوارع المدن، تبدو النساء في هذه الدولة الإسلامية، غير خائفات من احتمال تكرار رد الفعل العنيف من جانب الحكومة، الذي ظهر ضد الاحتجاجات التي جرت خلال الأشهر الأخيرة.
وتقول راحة التي تبلغ من العمر 16 عاما، وهي تتزلج في متنزه تشيتجار بطهران وهي عارية الرأس، وترتدي قميصا قصيرا "بعد كل ما مررنا به، أصبحنا اليوم نتمتع بمزيد من الشجاعة، ولماذا الخوف عندما ننزل إلى الشوارع ونتظاهر ؟".
وتنضم إلى الحديث بعد أن انتهت من التزلج صديقة لراحة تدعى ميهدي، تبلغ من العمر 18 عاما وتشكو من أن جيلها تعرض للتجاهل، وتقول "مضى وقت طويل قبل أن نشعر بهذه الشجاعة والقوة، وأن الذين احتجوا بصوت عال تعرضوا للقتل".
ثم جاء مؤخرا الجدل حول قواعد الملبس، ولم تكن هذه القواعد من قبل تواجه معارضة قوية مثلما يحدث الآن، وأدت وفاة الفتاة الإيرانية الكردية ماهسا أميني، في مركز للشرطة بعد احتجازها بتهمة خرق قواعد الملبس، إلى اندلاع احتجاجات اتسع نطاقها.
بينما تجلس في مكان قصي من المتنزه نوشين التي تدرس للحصول على درجة الدكتوراة، وتبلغ من العمر 30 عاما مما يعني أنها تمثل جيلا مختلفا، حيث أن معظم المحتجين في الخريف الماضي كانوا أصغر سنا بكثير، وتعرب نوشين عن اعتقادها بأن الصحة النفسية للمواطنين تدهورت خلال السنوات الأخيرة، بسبب ضغوط القمع.
الأحاديث في الشارع الإيراني أصبحت بمثابة لقطات خاطفة متباينة، لا توجد أرقام حول عدد الأشخاص الذين يدعمون النظام وعدد الذين يعارضونه، غير أن كلمات نوشين ضربت وترا حساسا، حيث أن كثيرا من الإيرانيين ظلوا يشكون طوال فترة طويلة من الافتقار إلى فرص مستقبيلة.
وعند إضافة معدلات التضخم المرتفعة، والتراجع السريع لقيمة العملة المحلية، والوضع الاقتصادي المتردي، الذي يمكن أن يغرق القيادة السياسية في إيران في أزمة كبيرة تالية، يمكن رسم صورة قاتمة للمستقبل بالنسبة للشباب الإيراني، وفي هذا الصدد تقول نوشين "الوضع أصبح صعبا لدرجة أننا نسدد الإيجار بالكاد".
ولا يعني أن كثيرا من النساء تخلين عن الحجاب، أن الحكومة غير مبالية إزاء هذا التطور، فمنذ أيام قلائل فقط أعلن محمد دهقان نائب الرئيس الإيراني، أن عدم الالتزام بارتداء الحجاب يعد مخالفة جنائية.
ويجلس رشيد الدين مورتضوي لانجرودي على بساط داخل مسجد صغير بعد صلاة الظهر، ويعد رجل الدين هذا الذي يبلغ من العمر 44 عاما، واحدا من الجيل الأصغر من الفقهاء المؤثرين.
وبينما يشعر لانجرودي بأن المجتمع يسير في اتجاه بعيدا عن ضرورة ارتداء الحجاب، لا يتفق جميع رجال الدين في قم معه في هذا الرأي، فيرى فقيه آخر في هذه المدينة التي هي مزار للحجاج، أن الإلزام بارتداء الحجاب هو أمر طيب، خاصة في حالة النساء غير المقتنعات بالقيمة التي يمثلها الحجاب.