شبكة المدونون العرب
قالت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة (أعلى جهة قضائية إدارية) في مصر، إن عقد الزواج العرفي يعد سندا لإصدار وثيقة ميلاد للطفل مثبتا فيها اسمه منسوبا إلى زوجها في العقد ذاته، لأن حرمان الأم من إثبات عقدها العرفي نوع من الإيذاء النفسي والبدني لها، أما حرمان الطفل من حقه في الانتساب إلى والده يعد تعديا على آدميته، وتحقيرا من شأنه.
وتعج المحاكم المصرية بقضايا نسب الأطفال الناتجة عن الزواج العرفي، لكن صدور هذا الحكم يحسم الجدل الدائر منذ سنوات حول آلية إنصاف هؤلاء الأطفال وعدم أخذهم بذنب أم وأب أقاما علاقة زواج بعيدا عن إطار المجتمع والطريقة المتعارف عليها.
وكانت هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف حسمت الجدل حول الزواج العرفي قبل 8 سنوات، وأقرته على أن تتوافر فيه شروط الزواج الشرعي وأهمها الإشهار وموافقة ولي الأمر وحضور شاهدي عدل، وقالت إنه يصبح شرعيا بغض النظر عن المسمى الحديث لأي زواج.
واستندت المحكمة التي أصدرت الحكم إلى المادة الرابعة من قانون الطفل التي تنص على أن “للطفل الحق في نسبه إلى والديه الشرعيين والتمتع برعايتهما والحق في إثبات نسبه الشرعي إليهما بكافة الوسائل، والتمتع بكافة الخدمات والمميزات التي هي حق من حقوقه على الدولة”.
ويبلغ عدد قضايا الزواج العرفي وإثبات النسب التي يتم تداولها أمام المحاكم سنويا حوالي 14 ألف قضية بحسب إحصائيات وزارة العدل، في حين وصل إجمالي عدد عقود الزواج العرفي في عام 2014 التي تم التصديق عليها 88 ألف عقد، فيما لا توجد إحصائية رسمية بعدد الحالات غير المصدق عليها بسجلات وزارة العدل لكونها تظل في إطار من السرية.
وأضاف أن المهم في الحكم أنه انتصر لنوعية من الأطفال كان يلفظهم البعض في المجتمع لأن العادات والتقاليد والأعراف ترفض الزواج إلا إذا كان بالإشهار.
وقال عزت رؤوف، مستشار بمحكمة الأسرة، إنه لا يمكن النظر إلى الحكم بأنه يفتح المجال أمام زيادة معدلات الزواج العرفي في مصر، معتبرا أنه انتصار للأطفال وليس للزوجين، كما أن إثبات نسب أطفال الزواج العرفي إلى الأب لا يعني تقنين القضاء لهذا الزواج.
ويرى متخصصون في الشأن الأسري أن هذا الحكم يفتح المجال لتصويب أوضاع الآلاف من الحالات التي أهدرت فيها حقوق الطفل خاصة الموجودة بالكثير من الجامعات الحكومية التي تنتشر فيها حالات الزواج العرفي.
ويخشى معارضو “النسب المؤقت” لأطفال الزواج العرفي إلى حين الفصل في القضية برمتها، من أن تلجأ بعض الفتيات إلى أن تنسب الطفل إلى أي رجل لتخرج نفسها من مأزق الحمل، لا سيما وأن القضاء الإداري ينظر في الأوراق فقط، ويترك مسألة النسب الشرعي والرسمي للجهات المختصة في محاكم الأسرة التي قد تصدر حكما بأن الطفل ابن شخص آخر، وهنا تتأزم المشكلة.
وفي دراسة حديثة للمجلس القومي للسكان، فإن 400 ألف حالة زواج عرفي تحدث سنويا في مصر أغلبها في المناطق الفقيرة، وأن عدد أطفال هذا النوع من الزواج يصل إلى 41 ألف طفل سنويا، بينما يصل عدد قضايا إثبات النسب 14 ألف قضية، لا تزال مطروحة أمام محاكم القضاء الإداري.