في يوم المرأة الملهمة
أمينة خيري - الإمارات العربية المتحدة - " وكالة أخبار المرأة "
المرأة لا تحتاج إلى يوم بعينه للاحتفاء بها. المقصود بـ«اليوم» هو التذكرة والتأكيد والتوعية. تذكرة بأن المرأة وإن كانت تشكل نصف المجتمع من حيث العدد، فهي كل المجتمع من حيث الأثر والتأثير. وتأكيد أن المرأة إنسان واعٍ قادر قوي ذكي لا يستوي بناء الأمم وتقدمها بدونها. وتوعية لأن إساءة فهم الاختلاف وسوء تقدير القيمة والأهمية والمكانة أمور تحتاج عملاً مستمراً لتصحيح المفاهيم.
مفهوم أن المرأة العربية تعاني أكثر من غيرها من نساء الأرض من حيث الحقوق المنتقصة مضلل إلى حد كبير. فالمرأة حول العالم تعاني الكثير، ولكن الفروق تكمن في تواريخ بدء مسيرة نيل الحقوق، ومقدار الإرادة السياسية المتوافرة، وعزيمة النساء أنفسهن للسير في الطريق الصعب.
الطريق الصعب بدأ في الدول العربية، ولكنه لا يسير في خطوط مستقيمة، كما أن السير فيه لا يخضع للقواعد نفسها. وما يحدث في عدد من الدول العربية من قلاقل وصراعات يؤثر بشكل أكبر وأفدح في مكاسب المرأة العربية، لأنها تبقى الحلقة الأضعف لأسباب كثيرة خلال الحروب والصراعات. بعض هذه الأسباب ثقافي والبعض الآخر يتعلق بتحميل تاريخي مزمن للمرأة العبء النفسي والاجتماعي والمعيشي الأكبر في أزمنة الصراعات وما بعدها.
وبعد عقود طويلة من مسيرة المرأة العربية على طريق نيل حقوقها كاملة، يمكن القول بوجود قصص تعثر كثيرة، لكن هناك أيضاً قصص ملهمة عديدة. ويكون «يوم المرأة» المحلي في الدول العربية فرصة طيبة للتمعن في المشهد وتقييم ما تحقق وتوقع وتمني ما يمكن أن يحدث في المستقبل.
وليست مبالغة حين يقال إن مستقبل العالم العربي لن يستوي إلا بصلاح حال المرأة. وصلاح الحال يصبح من المحال حين يسود اعتقاد بأن المرأة أقل من الرجل بسبب الفروق البيولوجية بينهما، وهو «اعتقاد» تغذيه بعض الأفكار الهدامة التي تتلحف بتفسيرات خاطئة أو تحتمي بمفاهيم ثقافية فقدت صلاحيتها منذ عقود.
إن التيه في العقد الثالث من القرن العشرين رفاهية لا يملكها أحد. وعدم إنصاف المرأة العربية واستمرار الحد من قدراتها في المشاركة الفعلية للقيام بدورها في نهضة بلدانها ليس من الحكمة في شيء.
ومن الحكمة الاستلهام من النماذج الناجحة والتجارب التي أثبتت كفاءة واستدامة. وحين تحتفل الإمارات بالمرأة الإماراتية في يومها، فليس هناك عنوان أكثر تعبيراً عن حالها من «واقع ملهم ومستقبل مستدام». فواقع المرأة الإماراتية بالفعل ملهم لكل ذي عين.
رؤى العين تقول إن المرأة في الإمارات نموذج فعلي لنجاح التمكين المصحوب بالوعي الشعبي والإرادة السياسية في ظل جذور ثقافية لا تحول دون الانفتاح على روح العصر ومتطلباته. وهنا ينبغي الإشارة إلى «أم الإمارات» سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيسة الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، والتي يجمع نهجها في العمل النسائي بين الانفتاح على متطلبات العصر والحفاظ على الأصالة العربية والإسلامية.
يوم المرأة الإماراتية مناسبة للتمتع بقدر من الإلهام من الواقع والإنجازات مع بعض من استشراف في ضوء المعطيات. وزيرات ومسؤولات وصانعات قرار وموظفات وعاملات وطالبات وأمهات وبنات إماراتيات يسطرن في كل يوم قصصاً من النجاح والتمكين والتميز والحقوق المتساوية. صحيح أن الأخبار مليئة بقصص تفرد نسائية على مدار الساعة، ولعل أحدثها عائشة المنصوري التي أصبحت قبل أيام أول كابتن إماراتية لشركة طيران تجارية في الإمارات. ويشار أن كابتن بخيتة المهيري كانت في عام 2020 من أصغر النساء اللاتي عملن في مهنة قيادة الطائرات في الإمارات، وتحديداً شركة «طيران الإمارات»، وكانت وقتها في الـ26 من العمر. والقصص كثيرة ومستمرة ومستدامة.
وفي الاستدامة ضمان للنجاح والإلهام. هذا العام تزامن «يوم المرأة الإماراتية» واعتماد استراتيجية التوازن بين الجنسين 2022 – 2026. وهي تعتمد على رؤية مستقبلية لضمان تحقيق التوازن بين الجنسين. ركائزها هي: المشاركة الاقتصادية وريادة الأعمال والشمول المالي، والرفاه وجودة الحياة، والحماية، والقيادة والشراكات العالمية. إنها الركائز الضامنة لسد الفجوات والفروق بين الجنسين.
ويكفي أن تقرير «المرأة وأنشطة الأعمال والقانون 2022» الصادر عن البنك الدولي هذا العام أفاد بمحافظة الإمارات على مكان الصدارة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في ما يتعلق بجهود الحكومات لوضع قوانين لحماية وتمكين المرأة اقتصادياً.
في يوم المرأة الإماراتية كل التحية لها وللإرادة السياسية التي تدعم نصف المجتمع عدداً وكله أثراً.