لا تغتروا بكثرة القيام والصيام والعبادات! دون أن يقترن ذلك كله بالأعمال التي يرضى عنها ورسوله! فرب أحدهم لا يؤدي إلا المطلوب من الفرائض ويحجز مكانه في الجنة حائزاً على رضى الله! وما ينفع أن تكون صوام قوام وقلبك أقسى من الحجر؟! وما ينفع أن تكون في الصفوف الأولى ولسانك على الناس أطول من الثعبان؟! وما ينفع أن تقرأ خمسة أجزاء من القرآن كل يوم وتؤذي جيرانك وتهتك الأستار وتفضح الأعراض؟! ما ينفع أن تذهب إلى المسجد قبل أذان الفجر بساعتين وليس في قاموسك لا رحمة ولا رأفة ولا جبر للخواطر؟! أنسيتم قصة الرجل السكير الذي رفض الإمام أبو حنيفة الصلاة عليه عندما مات وجاءه في المنام وهو يتمشى في بساتين الجنة ويقول: قولوا لأبي حنيفة: الحمد لله أن لم تجعل الجنة بيده! ولما استيقظ من نومه، سأل زوجة السكير عن حاله فقالت: لا أعرف عنه من خير، غير أنه كان في كل يوم جمعة يطعم أيتام الحي، ويمسح على رؤوسهم، ويبكي ويقول ادعوا لعمكم؛ فلعل الله استجاب لدعوة أحدهم! فندم أبو حنيفة أشد الندم! صدقوني لو كانت بالعبادات فقط لانتصرنا ولتحقق أمانينا منذ عقود أو قرون! لكنه العمل الصالح الذي يجب أن يقترن بالعبادات بل ويتقدم عليها! أيها المتعبدون الورعون: ابحثوا في قواميسكم هل يوجد فيها مكان لجبر الخواطر؟! هل يوجد فيها مكان لمساعدة الناس؟! هل يوجد فيها مكان للسعي في قضاء حوائج المسلمين؟! هل فيها مكان لعدم إيذاء الخلق باليد أو ياللسان؟! هل فيها مكان للتسامح والصفح والعفو ونكران الذات؟! نظرت اليوم قبل الفجر إلى أحدهم كيف يصلي القيام بورع وبخشوع والسجدة ربع ساعة والذي نفسي بيده لا أتذكر أنني رأيته يعمل خيراً قط سوى ضحكة صفراء يضحك بها على الخلق!! أعرفتم لماذا نحن بعيدون عن الهدف؟!
ء............
الكاتب والمحلل السياسي والناشط المجتمعي