الباحث الإسلامي: مهدي سعيد كريزم
1/ هذا العنوان ،: كان لكتاب ألفته قبل عدة سنوات ،ومحتواه كيف يُطيل الانسان عمره اطالة حقيقية ! فبدل أن يعيش 60 سنه يزيدها فتصبح سبعين ، وهكذا … !
2 / لو قال لك أعظم الأطباء أن هناك دواءً يطيل العمر فلن تصدقه ، ولو قال لك أعظم الحكماء والفلاسفة اِن هناك طقوسا ووصفاتٍ تطيل العمر فلن تصدقه ، ولو قال غيره وغيره فلن تصدق ذلك ، بل سوف تسخر منهم ، وتقول اِن العمر محدد ومكتوب ولا يزيد ولا ينقص - ولا نعلمه ايضا - وهو غيب !
نعم ، فليس هناك دواء ، ولا وصفة طبية تطيل العمر ؛ ولا طعام ولا شراب ، ولا رياضة ولا اي طقوس اخرى ! وان مقدار العمر غيب ، والأجل غيب ؛
3 / ولكن لو قلت لك : اِن وصفة طول العمر ، وطريقة اطالته جاءتنا من الله سبحانه وتعالى بالوحي الى نبيه عليه الصلاة والسلام - فحينها سوف تصدق تصديقا جازما ؛ فالله تعالى هو خالق الانسان ومُقدر الاقدار والاعمار ؛ فله وحده سبحانه ذلك الامر ؛ فيطيل عمر من يشاء ، ويُقصّر عمر من يشاء ، وقد كتب الله عمر الانسان وحدد أجله ، وهو الذي أرشدنا الى اعمال نعملها فتطول اعمارنا ! وسوف نذكرها بعد قليل .
4 / هذه اعمال تطيل عمرك اطالة حقيقة بالسنين ؛ وليس اطالة معنوية : كالبركة فيه ، او كثرة الحسنات .. كلا ! بل اطالة حقيقية فبدل ان يكون 50 صار 60 او 80 …
اولا / دعونا نسرد الاحاديث الصحيحة التي ذكرت الأعمال التي تزيد في العمر ، ثم نفصل بعد ذلك .
قال صلى الله عليه وسلم ( من سرّه ان يُبسط له في رزقه ، ويُنسأ له في اثره ؛ فليصل رحمه) رواه البخاري ومسلم
وقال صلى الله عليه وسلم ( صلة الرحم ، وحسن الخلق ، وحسن الجوار ؛ يعمّران الديار ،ويزيدان في الاعمار ) صحيح الجامع للالباني حديث رقم 3767
وقال صلى الله عليه وسلم ايضا : ( من سره ان يمد له في عمره ، ويُزاد له في رزقه ؛ فليبرّ والديه ، وليصل رحمه ) صحيح الترغيب والترهيب رقم 2488 والحديث حسن
وقال ايضا ( صنائع المعروف تقي مصارع السوء ، وصدقة السر تطفئ غضب الرب ، وصلة الرحم تزيد في العمر ) رواه الطبراني في الكبير برقم 8014 وهو حديث حسن
وقال ايضا صلى الله عليه وسلم
( .. ولا يزيد في العمر الا البر ) رواه الترمذي وابن ماجة والحاكم ، وصححه الالباني في المشكاه
وقال صلى الله عليه وسلم( ان صدقة المسلم تزيد في العمر ، وتمنع ميتة السوء ) رواه الترمذي وقال حديث حسن
ثانيا / تلك الاحاديث بينت بوضوح أن الاعمال التي تزيد في العمر هي :
- صلة الرحم
- بر الوالدين
- حسن الخلق
- حسن الجوار
- الصدقة
فتلك نصوص من الوحي ؛ وليس اجتهادا ، ولا استنباطا ، فمن عمل تلك الاعمال خالصا لله من قلبه ، فان الله يمد في عمره بما يشاء سبحانه ؛ فممكن ان يزيده 5 سنوات ، او عشرة او عشرين … وسوف نوضح ذلك ، فتلك خمسة اعمال تزيد في العمر ، ونضيف لها عملا سادسا وهو الدعاء ، فيجوز للانسان ان يدعو باستمرار ان يطيل الله عمره ، فقد يستجيب الله سبحانه وتعالى له .
رابعا / لماذا تلك الاعمال بالذات هي التي تطيل العمر ؟ والجواب لا ندري ، فذلك سر من أسرار الله ، ومن علمه وحكمته سبحانه . ونحن نصدق بهذا لان تلك الاعمال هي المنصوص عليها في الاحاديث الصحيحة .
والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى ، ان هو الا وحي يوحى ، ولكن قد نتدبر في تلك الاعمال ونستنبط السبب في انها تزيد العمر ؛ فنقول : يبقى السبب سرا وغيبا ، ولكن تلك الاعمال عظيمة وجعل الله تعالى جزاءها هو : طول العمر ، لان جزاء الاعمال يختلف ، فجزاء دفع الزكاة : نزول المطر ، وجزاء الصلاة : نور في القلب والوجه ، فكان جزاء صلة الرحم وبر الوالدين وحسن الخلق وحسن الجوار؛ هو اطالة العمر .
ونلاحظ ايضا ان تلك الاعمال خاصة بالتعامل مع الناس ، فكلها سلوكيات اسلامية واجتماعية راقية تمثل الترابط الكبير بين افراد الأسرة والمجتمع وتحقق معنى الجماعة ، يقول ابن قيم الجوزية رحمه الله ، في كتابه الجواب الكافي : وقد رتب الله سبحانه حصول الخيرات في الدنيا والاخرة ، وحصول الشرور في الدنيا والاخرة ترتيب الجزاء على الشرط ، والمعلول على العلة ، وهذا كثير في القران ؛ قال تعالى ومن يتق الله يجعل له مخرجا ، اذن التقوى سبب لتفريج الكرب ، فالشرط التقوى ، والجزاء تفريج الكرب ، وهكذا.
ومثل ذلك ماذكرناه من صلة الرحم وبر الوالدين … فحقق الشرط تحصل على الجزاء ، فالشرط بر الوالدين ، والجزاء طول العمر ، والشرط صلة الرحم ؛ والجزاء طول العمر ، وهكذا
5 / ونختصر ونقول : الزيادة في العمر حقيقية فعلية بزيادة السنين ! وان الاعمار مقدرة ومكتوبة ، ولكن الله يمحو مايشاء ويثبت وعنده ام الكتاب ، وكما ان الايمان يزيد وينقص فان العمر يزيد وينقص.
6 / صار لدينا مسألتان متضادتان ! فالمسألة الاولى / هي ان العمر ثابت مقدر لايتغير كما هو واضح في ايات واحاديث كثيرة ، والمسألة الثانية هي / كيف ان العمر يزيد.
ولتصحيح الفهم نقول : القدر عدة مراتب وليس درجة واحدة ، فهناك التقدير الازلي في اللوح المحفوظ ، وهناك التقدير السنوي في ليلة القدر ( فيها يفرق كل امر حكيم ) وهناك التقدير اليومي ( كل يوم هو في شأن ) اذا هناك عدة تقادير وليس تقديرا واحدا ، وان تلك التقادير مرتبطة ببعضها البعض ، وان زيادة العمر او نقصة لا يتعارض مع القضاء والقدر ! اذا فهل قدَر الله يتغير ؟ الجواب نعم ! يتغير بقدر اخر ، وقدر يدفع قدرا ، ومثل هذا قوله صلى الله عليه وسلم( لا يردُّ القضاء الا الدعاء ) فالله سبحانه قدر المرض على ذلك الانسان ، وقدر ايضا ان ذلك الانسان يدعو بالشفاء فيشفى ، فقدر يدفع قدرا ، والكل قدر ، وزيادة العمر تكون في التقديرالموجود في صحف الملائكة ، فالله امر الملك ان يكتب عمر الانسان ورزقه ، فيكتب عمره مثلا 60 سنة اذا لم يصل رحمه ؛ ولكن إذا وصل رحمه يكون 70 ، فالملك كتب الاجل الاساسي وقال له الله تعالى ( ولله المثل الاعلى ) اذا وصل الرحم فزده كذا وكذا ، وان بَرّ والديه فزده كذا وكذا ، وان احسن خلقه واحسن لجيرانه فزده كذا وكذا ؛ زيادات حقيقية .
واما ما في اللوح المحفوظ فلا يتغير ولا يتبدل ومكتوب فيه كل ذلك ، ومكتوب فيه نهايات الامور التي سوف تحدث فعلا ، فمكتوب : ان فلانا سوف يصل الرحم وفلان لن يصل ، ومكتوب : ان فلانا كان قاطعا ثم تاب ووصل الرحم ، وكان عمره 70 فزاد بعد الصلة الى75 مثلا ، فكل شي مكتوب في اللوح المحفوظ قبل الازل وهي كتابة علم واطلاع ، لا كتابة اجبار ، فهو سبحانه علم ان فلانا سيفعل كذا وكذا ويختار كذا وكذا من نفسه وبحريته - اْي أن الله سبحانه علم مألات الامور، والى ماذا تصير.
7 / هذا الشرح كان لتقريب المعنى ؛ والا فلسنا مطالبين بمعرفة كيف ولماذا ! بل المهم الطاعة والتنفيذ ، فأنتم ايها الاخوة والاخوات صلوا الرحم ، وبروا الوالدين ، وأحسنوا الاخلاق، واحسنوا للجيران ، وتصدقوا ،، فسوف تجدون الرزق وطول العمر باذن الله .
وفقكم الله ، واطال اعماركم وأحسن أعمالكم