كان شعورا خاصا حين تألقت حنجرتي من قلب مولدي ومراهقتي وشبابي....من قلب المكان الذي يعيد لي الحياة كلما اقتربت من الموت،كانت مشاعري خليط مزدوج من الارتباك والفرح والعشق والامل،حين اطليت من قلبها وروحها ومن بين انفاس احجارها التي تزدينا حبا للحياة يوما بعد يوم. كانت دعوة من الزميل الاعلامي احمد حماد للقاء... في برنامجه ساعة في الاذاعة من صوت السلام من قلب المدينة المقدسة،لبيت الدعوة دون تردد وزحفت ابحث عن المكان في حي الشيخ جراح،وصلت متاخرة حيث كنت ادور بين اكناف المكان لاصل في نهاية المطاف الى اثير القدس الملاصق لمبنى الاحتلال الحكومي ومراكز الشرطة،ما اجمل ان يخرج الصوت الفلسطيني من ارادة الوجود ومن هوية اراد الاخر قتلها،دخلت المكان وانا ارى الشرطة والجيش وموظفو الدولة متوجهين الى مقرات عملهم غير مدركيين للروح العربية المتألقة من المبنى الملاصق لمبناهم،استقبلتني مديرة الاذاعة ميساء برانسي وقد كنا سابقا معا في مدرسة واحدة،استذكرتها فورا واستذكرت مراهقتها العفوية في مدرسة دار الطفل العربي وللاسف لم تتذكر هي معالمي التي غيرها السرطان وابقى روحها ،دخلت المقر وجلست على منبره واثيره وشعرت هواء خاصا يتدفق الى روحي وداخلي،ما اجمل هذا الشعور حين تقر بفلسطينيتك من قلب مدينتك،ما اجمل ان تتحدث لغتك العربية وتناجي قيادتك باللاانقسام ففلسطين اهم من مقاعدكم ومصالحكم،ما اروع ان تفرح بحرية الاسير وتتطالب باعطائه حقه وليس دمجه فقط فهو ليس من ذوي الاحتياجات الخاصة،ما اجمل ان تتحدث عن ارادة الحياة وان فلسطين حياة وليس موت.... مواضيع متعددة اخذت حقها حين كانت الاتصالات من غزة ومن القدس ومن رام الله،حين كانت النساء الفلسطينيات بحالة نضج في حوار ربما عجز الساسة احيانا عن الوصول اليه،احببت ذاتي واحببتهن لما استطعنا من ارادة الحياة ان نكون،نعم الفلسطينية اليوم بكل اماكنها قائدة قادرة على بناء الاشياء وتغيير واقعها،تجلى هذا الشعور بعد البرنامج حين التقيت ميساء برانسي وهي تتحدث بحرقة عن صمودها في القدس،اجل استطاعت ميساء استدراج اسرائيليين كانوا لفترات طويلة يناضلون لقتل العرب سواء اكانوا في مناصب سياسية ومتدينيين ليقدموا برامج باللغة العبرية ضد دولتهم،واستطاعت في مبنى اذاعتها ان تجعل من غرفة استديو دولة تحارب نضالها الاعلامي لتستدرج للتحقيق بقضية الاساءة لدولة اسرائيل على الرغم من ان المذيعيين هم ابناء هذه الدولة وهدد بعضهم،نظرت اليها متأملة روحها ونضجها وارادة عجزت القيادات الفلسطينية عن عمله وفي نفس اللحظة اخبرها انها استطاعت كسر حاجز الصمت الذي لم تفكر به السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها،فاسرائيل واول ما احتلت الضفة الغربية في العام 1967 كانت تبث اذاعة وتلفزيونا باللغة العربية،وحتى الان يستمع الفلسطينيون لصوت اسرائيل ويصدقون روايته قبل تصديق الرواية الفلسطينية،ولا عجب ان تعرف ايضا ان البث بترخيص فلسطيني وابراجه في رام الله ولكن الصوت المقدسي يخرج من القدس. ما اروعك ايها المقدسي حين تناضل لقضيتك بلا مقابل وما احلى صوت مذياعك حين ينطق العربية على موجة 87.8 اف ام من قلب مدينة القدس.
تعليقات