مملكة فلسطين الهاشمية.. أيها الفلسطينيون عليكم التنازل عن حقوقكم.. د/ منذر الحوارات



في مقال منشور على موقع العربية بعنوان مملكة فلسطين الهاشمية و ما يخيف هو أن هكذا مقال قد لا يكون مجرد وجهة نظر للكاتب وإنما قد يكون توجها يراد منه ان يفتح باب النقاش لقياس ردود فعل الرأي العام العربي والفلسطيني حيث يطالعنا الكاتب بما يسميه قراءة واقعية لحل المشكلة الفلسطينيين كما وصفها ،حيث قال ان إسرائيل حقيقه واقعه يجب الاعتراف بها وهذا الامر حصل فعلاً من خلال اتفاقيات السلام التي وقعت ما بين بعض العرب والإسرائيليين لكن ما يريده الكاتب أبعد من ذلك بكثير إذ يريد من الشعب الفلسطيني ان يكون واقعيا ويتخلى عن ما وصفه بالدعم العاطفي المفرط الذي تلقاه الفلسطينيون والذي اعمى عيونهم عن التعامل الواقعي عن قضيتهم كلاجئين إذ كان عليهم من البداية ان يتقبلوا التوطين في الدول التي هاجروا إليها والتخلي عن حقهم بالعودة مستندا في ذلك إلى تعريفه الخاص للهوية من وجهة نظر نفعية بحتة وهو يقر بان حقهم بالعوده لن يتم بأي يوم من الأيام بسبب قوة إسرائيل وعدم وجود أي إمكانية للانتصار عليها وهو يصر على أنه على الفلسطينيين أن يمتلكوا هوية قانونية ومواطنه تحظى بالاحترام عالميا ولكن ليست هي الهوية الفلسطينية.
وينتقل الكاتب بعد هذا التعريف للحديث عن الأردن وانه دولة تجيد إدارة شؤونها رغم مايعانيه من فشل اقتصادي بسبب الاحداث في محيطه ،الأمر الذي يجعله معتمدا بشكل كلي على المساعدات الخارجية و لحل هذه المعضلة لابد من الدمج بين الفلسطينيين والأردنيين في دولة واحدة تحت مسمى دولة فلسطين الهاشمية والتي تضم قطاع غزه والضفة الغربية

أما القدس فتبقى في إطار مشروع للمساومة للحصول على مكاسب أكبر من إسرائيل لكنه لم يضع أي تحفظ للتنازل عنها وهو يقترح إجراء استفتاء شعبي لجميع الفلسطينيين مفترضا موافقتهم المسبقة معتبرا هذا الخيار يحظى بشعبية فلسطينية واسعة وهو يفترض ان من يعارض هذه الصيغة ،هم الأقلية وسيلجؤون إلى وسائل إرهابية تستخدم العنف وسيلة لها وفِي معرض حديثه يقرر انه لن تحصل فجوات عنيفة وتناقض بين الفلسطينيين والاردنيين كون كلا الطرفين من السنة لكنه يقر بأن النخب الشرق اردنيه والتي تتسم بقصر نظر يدفعها لمعارضة هذا الخيار ويعود مجددا لطرح الخيارات البديلة لإلزام هذه النخب بقبول الأمر الواقع فالأردن المعتمد على المساعدات الدولية والخليجية فإن تلك الدول ستقطع تمويلها عن الأردن مما يؤدي إلى انهياره الاقتصادي ،الأمر الذي سيترك البلد في حالة من الفوضى التي ستسهل تنفيذ أي مخطط وهو يقترح بعد توسع المملكة الهاشمية أن يتم سحب الاعتراف من منظمة التحرير الفلسطينية وهو يبدو كالواثق بأن الأمور سوف الأمور سوف تستقر بهذا الكيان المقترح كما حصل بين شرق وغرب ألمانيا وتعداد المملكة الجديدة والذي سيصل إلى ٢٠ مليون نسمة سيجعلها دولة قوية تتمتع بعلاقات قوية مع دول الجوار .

ويعود من جديد للحديث عن احتمال الفشل لهذه الخطة بأن إسرائيل ستفرضها عنوة من خلال ما يسمى(الترانسفير) وهو التطهير العرقي بما لا يقل عن سبعة ملايين فلسطيني إلى الأردن وهو يتنبأ بحالة الفشل أيضا بحرب إقليمية مع إيران باعتبار ذلك الحل الوحيد بالنسبة لإسرائيل للتخلص من مأزق الديموغرافيا وهو الأمر الذي سيدمر الدولة الأردنية كما نعرفها اليوم.

هذا خلاصة ما جاء في المقال المنشور في موقع قناة العربية السعودي وهو الأمر الذي يجعل السؤال ملحاً حول طبيعة هذا المقال وهل يأتي ضمن تسلسل الغاية منه جسر الهوة النفسية لدى الفلسطينيين والأردنيين من خلال طرح القضية الفلسطينية من منظور مختلف عما تعود الطرفان سماعه والتعامل معه ، فوجهة النظر هذه تعود كلا الطرفين على سماعها من اليمين الإسرائيلي وحتى من أطراف معتدلة إذا جاز لنا قول ذلك فإسرائيل مستمرة في رفض فكرة عودة اللاجئين الفلسطينيين منذ اتفاقية أوسلو وحتى الآن والخيار الأردني مطروح إسرائيليا منذ نشأة دولة الاحتلال وضم أجزاء من الضفة وقطاع غزة للمملكة الأردنية هي فكرة متأصلة في ذهنية اليمين الإسرائيلي لكن الخطير في الأمر هو طرحها من خلال منصة عربية معروف انها تعبر عن رؤية دولة عربية بذاتها فهل هذه رؤيتها لمستقبل الصراع العربي الفلسطيني ، فالكاتب يستخدم في محاججته قضايا معقدة تتعلق بحاجة الأردن للمساعدات من الدول العربية والغربية كي يستمر اقتصاده ولا ينهار وبالتالي تنهار البلد وهنا هو يلوح ويهدد انه في حال رفض الأردن ونخبه قصيرة النظر هذا الحل فإن البلد سيدفع ثمناً باهضاً لسببين الأول ان هذه الدول المانحة ستمتنع عن مساعدة الاقتصاد الأردني الذي يعتبر معتقلاً لها الأمر الذي سيؤدي إلى انهيار وانهيار البلد وبالتالي يسهل ذلك تمرير أي حل والثاني هو أن إسرائيل تقوم عنوةً بتهجير الملايين إلى الأردن ومصر مما سيضع الأردن أمام خيارات البقاء كدولة .

هذا المزج بين الترغيب والترهيب والمراوحة بين( إما او ) يطرح السؤال المهم هل نحن امام مخطط يهدف الى فرض معادلة جديدة في المنطقة تستخدم فيها الضائقة الاقتصادية كوسيلة لفرض حلول للمأزق الإسرائيلي الديمغرافي والذي بات يشكل قنبلة موقوتة تهدد بنسف الاساسات التي قام عليها هذا الكيان دولة لليهود واليهود فقط اما السكان الأصليين فعليهم البحث عن مكان آخر وهوية اخرى انما خارج أرض فلسطين التاريخية طبعاً هذه المقاربة لا تلحظ ابداً ان الشعوب لم تتنازل ابداً عن حقوقها تحت اي مسمى فلا الامريكان تنازلوا للبريطانيين هن حقهم ولا البرازيليين او دول أمريكيا الجنوبية ولم يفعل ذلك الجزائريون ولا الدول الافريقية ولم يفعلها أي شعب أوروبي حينما احتل نابليون مجمل القارة لم يفعلها احد وكذلك لن يرضى بها اياً من الفلسطينيون بأن يتخلوا عن حق اقرته كل الشرائع والقوانين الأممية وكذلك الأردنيون والذين في جزء مهم منهم من أصول فلسطينية لن يقبلوا ابداً تحت أي ذريعة بالتنازل عن حقهم بالحفاظ على دولتهم في صيغتها الحالية فكلا الشعبين تلقوا في الماضي وسيتلقون في المستقبل طعنات لا حصر لها في سبيل تخلي كل منهما عن وطنه لكنهما لم يفعلا ولن يفعلا مهما كانت الذرائع والتهديدات فليس بوارد أي من الشعبين تقديم أي خدمة لدولة الاحتلال بعد ما يقارب القرن من الألم والمعاناة .

اما التهديد بأن الاقتصاد سينهار وبالتالي الدولة ، فإن الخيارات الصفرية لا تلغي هذا الاحتمال فالاردن مرّ مسيرته بمحن كثيرة هددت وجوده ككيان ومع ذلك صمد وبقي وسيبقى بعكس تصور اي احد اما اذا ما انهار لا سمح الله فإن ذلك سيكون بمثابة انطلاق شرارة ستؤدي الى انهيار النظام الإقليمي برمته بالتالي فإن فكرة التهديد بالمساعدات وقطعها لن يطال تأثيرها الاردن بل سيتجاوز تأثيرها حدود الإقليم ابتدأً من دولة الاحتلال ويتعداها الى دول الإقليم كافة فهذه الدولة الصغيرة هي قاعدة الارتكاز الأساسية للأمن في المنطقة برمتها ومحاولة التقليل من هذا الدور يفتقر الى الحصافة السياسية والرؤية بعيدة النظر ، فالنخب الأردنية حينما ترفض أي خيار لحل القضية الفلسطينية على حساب الأردن لا تعتبر قصيرة النظر بل تتمتع ببعد نظر عميق يؤسس لاستمرار الاستقرار في الإقليم ليس كما يدعي الكاتب ، في النهاية لقد أفشل الشعب الأردني والفلسطيني محاولات عديدة لحل المأزق الإسرائيلي على حسابهما وهما الآن سينجحا متحدين بإفشال هكذا مخطط .

تعليقات



حجم الخط
+
16
-
تباعد السطور
+
2
-